سكاي نيوز عربية - 9/16/2025 4:11:02 PM - GMT (+2 )

وبينما يتواصل الجدل الدولي حول جدوى العملية ومخاطرها، جاءت قراءات ضيوف "سكاي نيوز عربية" لتكشف أبعادا ميدانية وسياسية معقدة، تتعلق باستراتيجية «الأرض المحروقة» الإسرائيلية، وبورقة الرهائن المحتجزين لدى حماس، وبالموقف الأميركي الذي يوازن بين الدعم والتحذير.
العملية الإسرائيلية.. "خشونة" وتكتيكات جديدة
قال نائب مدير المخابرات الحربية المصرية الأسبق أحمد إبراهيم، خلال حديثه إلى برنامج الظهيرة على سكاي نيوز عربية، إن القوات الإسرائيلية تنفذ «عملية عسكرية خشنة» هدفها استكمال الحصار واقتحام مدينة غزة تدريجياً.
وأوضح إبراهيم أن الجيش الإسرائيلي اعتمد في الأسابيع الأخيرة على:
• السيطرة على ضواحي غزة عبر استخدام الروبوتات المفخخة.
• استهداف الأبراج العالية والمباني بهدف حرمان المقاومة من أعمال المراقبة والقنص.
• إحكام الحصار من اتجاهات الغرب والشمال الغربي والجنوب الشرقي.
ووصف إبراهيم هذه الخطة بأنها أقرب إلى استراتيجية «الأرض المحروقة»، من خلال تدمير كل ما هو فوق الأرض وتحييد الأنفاق، معتمداً على الطائرات المسيّرة والمدفعية لتقليل الخسائر في صفوف الجنود الإسرائيليين.
المقاومة الفلسطينية.. أنفاق واتصالات بديلة
بحسب إبراهيم، تعتمد المقاومة على «التكتيكات المبعثرة» عبر الكمائن والعبوات الناسفة وفتحات الأنفاق، وهو ما يزيد المخاطر على القوات الإسرائيلية المتوغلة.
وأشار إلى أن حماس طورت وسائل اتصالها الداخلية مستفيدة من تجربة حزب الله في لبنان، حيث انتقلت إلى أساليب بديلة مثل الإشارات البصرية المباشرة والتنقل عبر الأنفاق، بعيداً عن الأجهزة التقليدية المعرضة للاعتراض، ما يعزز قدرتها على الصمود في ظل القصف.
ورقة الرهائن.. تعقيد إضافي
وحول ملف الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، أكد إبراهيم أن العملية الحالية تعرضهم لـ«مخاطر جدية»، إذ قد يؤدي التصعيد إلى التضحية بهم بدلاً من تحريرهم.
وأضاف أن إسرائيل "تغامر" بحياتهم عبر التدمير غير المدروس، بينما تؤكد المقاومة أن تصعيد الجيش الإسرائيلي قد يدفعها إلى تصفية هؤلاء الرهائن.
ورأى أن هذه المعادلة تجعل تحرير الرهائن «عملية شديدة الصعوبة»، لا تتحقق إلا عبر معلومات استخباراتية دقيقة.
أهداف سياسية واستراتيجية
إبراهيم شدد على أن ما يجري لا يحقق أهدافاً سياسية أو عسكرية واضحة لإسرائيل، موضحاً أن نتنياهو يسعى إلى «تفريغ القطاع وتهجير السكان»، في إطار مشروع أوسع لإقامة «دولة يهودية نقية». وربط ذلك بما يحدث في الضفة الغربية من مصادرة أراضٍ وبناء مستوطنات جديدة.
كما أشار إلى أن استمرار العمليات بهذا الشكل يعرض إسرائيل لمزيد من «العزلة الدولية»، خصوصاً قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 سبتمبر الجاري.
الموقف الأميركي.. دعم مشروط وتحذيرات
من جانبه، أوضح الباحث في المجلس الوطني للعلاقات العربية فادي حيلاني أن الإدارة الأمريكية تقدم معلومات استخباراتية ونصائح لإسرائيل، لكنها تترك القرار النهائي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ونقل حيلاني أن ماركو روبيو، وزير الخارجية الأميركي، أبلغ نتنياهو خلال لقائهما الأخير بأن الرئيس دونالد ترامب "لم يمنح ضوءًا أحمر" لوقف العملية، بل طلب أن تكون "سريعة وحاسمة".
وأشار إلى أن واشنطن تعتبر أن "الكلفة السياسية والعسكرية" تقع على عاتق الحكومة الإسرائيلية وحدها، مؤكداً أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية نفسها حذرت نتنياهو من دخول بري واسع لأنه قد:
1. يهدد حياة الرهائن،
2. يؤدي إلى خسائر كبيرة في صفوف الجيش،
3. يفرض احتلالاً طويل الأمد لغزة لا يريده الجيش الإسرائيلي.
الرهائن.. ذريعة إسرائيلية أم ورقة تفاوضية؟
بحسب حيلاني، تستخدم الحكومة الإسرائيلية ملف الرهائن «كذريعة للمضي في العملية»، فيما ترى واشنطن أن حماس لن تُقدم على تصفيتهم لأنها تعتبرهم «الورقة الرابحة الوحيدة» في يدها.
وأوضح أن الرئيس ترامب حذّر من استخدام الرهائن كـ«دروع بشرية»، لكنه في الوقت نفسه يعتقد أن حماس لن تضحي بهم، ما يجعلهم أداة تفاوض بيدها وأداة تبرير بيد إسرائيل.
بين استراتيجية "الأرض المحروقة" الإسرائيلية وتكتيكات المقاومة القائمة على الأنفاق والكمائن، تظل ورقة الرهائن في قلب المشهد، بين خطر التصفية واستغلالها كذريعة سياسية.
وبينما تدعم واشنطن إسرائيل استخباراتياً وتحمّلها تبعات الهجوم، يظل الميدان مفتوحاً على خسائر بشرية وضغوط دبلوماسية متزايدة. في المحصلة، يرى الخبراء أن العملية قد تحقق مكاسب عسكرية مؤقتة، لكنها تنذر بعزلة سياسية أوسع وخسائر إنسانية باهظة.
إقرأ المزيد