سكاي نيوز عربية - 11/6/2025 6:57:56 AM - GMT (+2 )
وقال الطيب، خلال حديثه إلى التاسعة على "سكاي نيوز عربية"، إن اتفاقي جدة الأول والثاني مثّلا فرصة حقيقية لإنهاء الحرب، لكن قيادة الجيش ـ على حد قوله ـ أفشلت تلك الفرصة عبر تراجعها عن التزاماتها، ما أدى إلى استمرار الصراع لأكثر من عامين، وتحويله إلى مأساة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ البلاد الحديث.
اتهامات مباشرة للقيادة العسكرية وتراجع عن الحلول التفاوضية
وأشار المتحدث إلى أن القيادة العسكرية في السودان هي الطرف الذي "يتهرب من مسؤولية إيقاف هذه الحرب"، لافتًا إلى أن هناك تجارب عدة فُقدت خلالها فرص ثمينة للحوار، بدءا من اتفاق جدة وصولًا إلى مبادرة جنيف التي انسحب منها الجيش في اللحظات الأخيرة، على حد تعبيره.
وأوضح أن مرور 3 سنوات من الصراع كفيل بكشف من يقف وراء هذه الحرب، ومن يحرّك دفتها بعيدًا عن أي أفق سياسي أو إنساني.
المشهد الإنساني المأزوم.. والنداء الأخلاقي العاجل
أشار شهاب إبراهيم الطيب إلى أن الحرب خلفت واقعًا مأساويًا تمثل في تزايد أعداد الضحايا المدنيين يوميا بسبب القصف الجوي والانتهاكات المتكررة، خاصة في مدينة الفاشر ومناطق النزوح الأخرى.
وقال إن هذا الوضع يفرض على جميع الأطراف "إيقاف الحرب اليوم وليس غدا"، داعيًا إلى فتح الممرات الإنسانية وتسهيل وصول المساعدات إلى المتضررين.
كما رحّب بتجديد دولة الإمارات موقفها الثابت بأن "لا حل عسكريًا للأزمة السودانية"، مشيرًا إلى أن دولة الإمارات أعربت عن "إدانتها الشديدة للانتهاكات الإنسانية والجرائم المروعة بحق المدنيين"، مجددة دعمها لجهود وقف إطلاق النار الفوري وفرض هدنة إنسانية شاملة، في موقف يعكس القلق الإقليمي من تحول السودان إلى بؤرة صراع طويلة الأمد.
القوى المدنية أمام اختبار المسؤولية
وفي سياق موازٍ، طرح الطيب تساؤلات جوهرية حول دور القوى المدنية في هذه المرحلة الحرجة، متسائلًا: "عن أي مبادرة يمكن تقديمها؟ وعن أي فرص لاستعادة المسار الديمقراطي اليوم في السودان؟".
وأوضح أنه عقد لقاءات مع مكتب مفوض الاتحاد الأفريقي، ومع عدد من المعنيين بملف السودان في الآلية رفيعة المستوى، إضافة إلى اجتماعات مع مجلس السلم والأمن الأفريقي وسفراء من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
وأشار إلى أن التحالف الوطني يتبنى نهج التعاون مع الشركاء في الآلية الرباعية التي تضم الإمارات ومصر والسعودية والولايات المتحدة، مؤكدًا أن هذا التحرك يمثل التزامًا سياسيًا وأخلاقيًا تجاه الشعب السوداني.
تشابك المصالح الداخلية وتعدد القوى المسلحة
وفي تحليله لأسباب فشل المجتمع الدولي في فرض تسوية، رأى شهاب إبراهيم الطيب أن التعقيد الحقيقي يكمن داخل السودان نفسه، في ظل تشابك القوى السياسية وتعدد المجموعات المسلحة ذات المصالح الخاصة.
وقال إن استمرار الحرب أفرز واقعًا جديدا تمثل في ظهور أكثر من 74 حركة مسلحة تقاتل اليوم إلى جانب الجيش، بعضها مدفوعة بأجندات قبلية، وأخرى بدوافع اقتصادية، مما جعل الصراع يتجاوز حدوده السياسية إلى صراع على الموارد والثروات الوطنية.
وأوضح أن بعض الحركات التي كانت في الماضي تحارب النظام السابق أصبحت اليوم متحالفة مع الجيش، بعد أن تحولت ـ على حد قوله ـ إلى "كارتيلات فساد" تبحث عن مكاسب آنية على حساب مصلحة الوطن، مذكّرًا بأن هذه القوى جاءت أصلاً إلى الساحة السياسية محمولة على أكتاف ثورة ديسمبر 2018 التي ضحّى فيها السودانيون بدمائهم.
عودة الإسلاميين.. المحرك الخفي للأزمة
اتهم شهاب إبراهيم الطيب التيار الإسلامي الراديكالي بالسعي للعودة إلى السلطة من خلال إشعال الحرب الحالية، معتبراً أن الإسلاميين استغلوا سيطرتهم على الجيش لإعادة إنتاج النظام السابق الذي أطاحت به ثورة 2019.
وقال إن هذه القوى تسعى إلى "تصفية ارتباطاتها " عبر تحالفات مع جهات خارجية، بما في ذلك بعض المجموعات في اليمن وإيران، محذرًا من إعادة السودان إلى مربع العزلة الدولية والتدخلات الإقليمية السلبية.
وأشار إلى أن هذه العودة تمثل خطرًا مباشرًا على مستقبل الدولة، مشددًا على أن المجتمع السوداني "لن يقبل مقايضة الهدنة بعودة الإسلاميين إلى الحكم"، وأن أي تسوية سياسية يجب أن تمر عبر مراجعات شاملة للمنهج الذي دمّر البلاد خلال العقود الماضية.
دعوة إلى مراجعة وطنية شاملة
في ختام حديثه، دعا المتحدث باسم التحالف الوطني إلى إصلاح وطني شامل يفتح الباب أمام كل القوى السياسية، بما في ذلك التيار الإسلامي، ولكن بشروط واضحة تقوم على الاعتراف بالأخطاء السابقة وإعادة بناء الدولة على أسس جديدة من العدالة والمواطنة.
وأكد أن السودان بحاجة إلى مراجعات فكرية وسياسية جذرية تعيد للبلاد توازنها الداخلي، وتوقف تدخلاتها السلبية في شؤون دول الجوار، محذرًا من أن استمرار الوضع الراهن سيقود إلى مزيد من الانقسام والانهيار الاقتصادي والاجتماعي.
إقرأ المزيد


