بعد عام من الإبادة.. أسرى من غزة يتحدثون لـ "قدس" عن شهادات مروعة
شبكة قدس الإخبارية -

غزة - خاص قدس الإخبارية: زادت مصلحة سجون الاحتلال من وتيرة جرائمها بحق الأسرى في سجون الاحتلال منذ 7 أكتوبر 2023 بعد بدء معركة "طوفان الأقصى" وحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على الفلسطينيين.  فالحرب زادت من قسوة الأوضاع على الأسرى وعائلاتهم، حيث تعرضوا لمزيد من الانتهاكات في ظل التصعيد، ورافق ذلك ارتفاع ملحوظ في عدد الأسرى الجدد الذين اعتقلهم الاحتلال من قطاع غزة تحديداً.

أوضاع الأسرى.. انتهاكات مضاعفة 

منذ اندلاع الحرب في أكتوبر، أصبح وضع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال أكثر سوءا، حيث أفادت شهادات أسرى تم الإفراج عنهم أنهم تعرضوا لتعذيب ممنهج، مع زيادة في الضغط النفسي والجسدي، كما أن الظروف الصحية داخل السجون أصبحت أكثر قسوة، مع تقليل الحصص الغذائية ومنع الوصول إلى الخدمات الطبية الأساسية.

(ع. س) أحد الأسرى المفرج عنهم، يروي معاناته منذ اعتقاله بالاجتياح البري لمستشفى الشفاء قائلاً: "منذ أن اعتقلتني قوات الاحتلال إلى أن تم الإفراج عني وأنا أعاني من حالة نفسية متدهورة وحتى اللحظة لا أشعر أنني شخص طبيعي، حيث أن كم الضرب والاهانات فاق كل التوقعات فالتعذيب الجسدي لم يتوقف، وأصبح الأمر شبه يومي".

ويضيف لـ "شبكة قدس":  "أحد الأساليب التي استخدمتها قوات الاحتلال كانت العزل الانفرادي لفترات طويلة، حيث كان يُجبر الأسرى على البقاء في زنازين صغيرة لا تتوفر فيها أي احتياجات أساسية"، لافتا إلى أنه فقد الأمل بأن يرى النور مرة أخرى، وكان كل الوقت عيناه معصوبة والقيود بيديه.

وتابع: "أسقطوا علينا كل ما لا يمكن تخيله من أدوات وأساليب التعذيب؛ الجسدي والنفسي، والتنكيل المستمر والإهانات ليل نهار وكأن الحرب اندلعت في السجون.. أذكر جيدا أنني فقدت الوعي عدة مرات"، موضحا أن أكثر ماكان يعيشونه من خوف وقلق تمثل بانقطاع الأخبار وانعدام الزيارات "فلم نكن نعلم أي شيء عن أهلنا وذوينا".

وأكد أن الجنود كانوا يستخدمون الكلاب في الاعتداء عليهم وترهيبهم، بالإضافة إلى الغاز المسيل للدموع وغاز الفلفل الذي كان يرش داخل غرفهم دون أي سبب.

إحدى الأسيرات، التي تم الإفراج عنها مؤخرا وتدعى ( أم أحمد) تحدثت عن معاناتها داخل السجون وكيف تم استهداف النساء الأسرى بممارسات قاسية، تقول: "كان يتم استدعاؤنا في منتصف الليل للتحقيق، والضغوط النفسية كانت مرعبة. بعض الأسيرات تعرضن للتحرش اللفظي والتهديدات. ما تعرضنا له كانت معاملة مجردة من كل قيم الإنسانية والأخلاق على يد جنود الاحتلال والسجانين الإسرائيليين".

وأضافت لـ "شبكة قدس": " كنا نحرم من النوم خوفا من الاعتداء علينا والذي تعرضنا له أثناء التحقيق معنا، كنا أغلب أوقاتنا ننام جالسين حيث فجأة وبدون انذار يدخل علينا السجان في أسوأ صور لانتهاك حرمتنا وخصوصيتنا".

أما الأسير (ز. ل) ويبلغ من العمر (٦٣ عاما") والذي لم تفارق الدموع عيناه تحدث لـ "شبكة قدس"، وفي نبرة صوته قهر لا يمكن أن تصفها الكلمات فيقول:" نكل الجنود بنا بكل الوسائل لم يراعوا حتى أعمارنا ولا أننا ضعيفي البنية، فقد كسروا عظامنا وفتحوا رؤوسنا حتى سالت الدماء من كل أجسامنا من الضرب والتنكيل"، متابعا:" تم نقلي إلى المستشفى لتلقي العلاج بعد أن نزفت لفترة طويلة دون أي اكتراث من قبلهم".

وأضاف:" منذ أن تم أسري مع مجموعة كبيرة من أحد الحواجز ( الحلابات) ونحن نقضي  معظم وقتنا على أقدامنا أو مستلقين على بطوننا"، مشيرا إلى أنه مهما واجه الأسير أنواعا من التعذيب يمنع حتى من في اخراج صوته أو حتى التعبير عن ألمه كنا نأن بصمت ".

شهادات من عائلات الأسرى: الألم أمام أعينهم

لم تقتصر معاناة الأسرى على أولئك الذين كانوا في السجون، بل امتدت أيضًا إلى العائلات التي شهدت اعتقالات أبناءها مباشرة أمام أعينها، راوية، والدة أحد الأسرى المعتقلين منذ بداية الحرب، تروي كيف شاهدت ابنها يُقتاد بالقوة أمام عينيها: "دخلوا بيتنا في الساعة الثالثة فجراً، حطموا الأبواب واقتادوا ابني دون أن يسمحوا لنا بالتحدث معه. لا أعرف أين هو الآن أو ماذا يحدث له."

أما الحاج سليم والد لعدد من الأسرى المعتقلين فقد شهد اعتقال ابناءه الأربعة في الاجتياح البري لمدينة خانيونس فيقول:" اقتحموا علينا المنزل بعد أن تم القاء العديد من القذائف من الدبابات أخذوا  حفيدي كدرع بشري واعتقلوا أبناءي الأربعة أمام أعيننا أنا ووالدتهم وزوجاتهم، نكلوا بهم وعذبوهم وأهانوهم بألفاظ نابية، كان الطقس شديد البرودة وأجبروهم على خلع كل ملابسهم ومن ثم أمرونا للتوجه بعيدا بكل ذل وهوان "، موضحا أنه ومنذ ذلك الوقت لا يعلم شيء عن أولاده.

نادي الأسير الفلسطيني 

من جهة أخرى ومع مرور عام على حرب الإبادة المستمرة أصدر نادي الأسير الفلسطيني بيانا عن واقع الأسرى في سجون ومعسكرات الاحتلال الإسرائيلي

يقول النادي:" شكّلت قضية الأسرى الفلسطينيين، وجه من أوجه حرب الإبادة المستمرة منذ عام، في ضوء مستوى الجرائم –غير المسبوقة- التي رصدناها ووثقناها على مدار فترة الحرب، وهي كذلك تشكّل أساساً لجرائم انتهجها الاحتلال بحقّ الأسرى على مدار عقود طويلة خلالها حاولت منظومة السّجون الانقضاض على ما تبقى للأسرى من حقوق، وبقي الأسرى طوال هذه العقود في حالة مواجهة دائمة ومتواصلة من أجل الحفاظ على أدنى شروط الحياة الاعتقالية، وقد خاضوا العديد من الإضرابات والمعارك والتي ارتقى فيها الشهداء".

وأضاف البيان:" وقد عمل الاحتلال على استغلال تاريخ السابع من أكتوبر، لتنفيذ مخطط الإبادة الجماعية، وتعذيب الأسرى بشكل –غير مسبوق- حيث مارس كل أشكال الجرائم بحق الأسرى، بهدف قتلهم، وقد ارتقى العشرات من الأسرى والمعتقلين في سجون ومعسكرات الاحتلال بعد هذا التاريخ، ليشكّل أعداد الشهداء في هذه المرحلة الأعلى تاريخيا منذ عام 1967، وقد أعلنت المؤسسات عن هويات (40) شهيداً من الأسرى منهم (24) من معتقلي غزة".

وتابع البيان:" هذا إلى جانب الإعدامات الميدانية التي نفّذت بحقّ المعتقلين، وقد شكّلت جرائم التّعذيب بكافة مستوياتها، وجريمة التّجويع، والجرائم الطبيّة، والاعتداءات الجنسية منها الاغتصاب، الأسباب الأساسية التي أدت إلى استشهاد أسرى ومعتقلين بوتيرة أعلى مقارنة مع أي فترة زمنية أخرى، وذلك استناداً لعمليات الرصد والتوثيق التاريخية المتوفرة لدى المؤسسات".

وأضاف البيان:" وعكست الشهادات والإفادات من الأسرى داخل سجون الاحتلال التي نقلتها الطواقم القانونية والشهادات التي جرى توثيقها من المفرج عنهم، مستوى صادم ومروع لأساليب التّعذيب الممنهجة، تحديداً في روايات معتقلي غزة، وتضمنت هذه الشهادات إلى جانب عمليات التّعذيب، أساليب الإذلال – غير المسبوقة- لامتهان الكرامة الإنسانية، منها الضرب المبرح والمتكرر، والحرمان من أدنى شروط الحياة الاعتقالية اللازمة، وشكلت بعض الجرائم؛ (جرائم حرب)"

وأكد بقوله :" ونجد أنّ الاحتلال عمل على مأسسة جرائم بأدوات وأساليب معينة، تتطلب من المنظومة الحقوقية الدولية النظر إليها كمرحلة جديدة تهدد الإنسانية جمعاء وليس الفلسطيني فحسب، وهذا ما ينطبق أيضا على قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين. 

وفي هذا السياق "نشير إلى أنّ حكومة الاحتلال المتطرفة (حكومة المستوطنين)، كانت قد صعّدت من حملاتها التحريضية لاستهداف الأسرى منذ ما قبل تاريخ السابع من أكتوبر، عبر عمليات القمع ومحاولتها سلب الأسرى ما تبقى لهم من حقوق، وكانت المرحلة التي سبقت تاريخ السابع من أكتوبر، مقدمة لنوايا حكومة المستوطنين التي دعت لإعدام الأسرى عبر وزيرها الفاشي المتطرف (بن غفير) والذي شكل عنوانا لعمليات التحريض على الأسرى لقتلهم وإطلاق النار على رؤوسهم لحل مشكلة الاكتظاظ في السّجون".

"وهذه الدعوة هي عنوان المرحلة التي يعيشها الأسرى فعليا في ظل وجود حكومة مستوطنين تنفذ إبادة على مرأى من العالم وبدعم من قوى دولية واضحة"



إقرأ المزيد