صفعة أمنية وسياسية للاحتلال في سوريا: الشارع يتحرك
شبكة قدس الإخبارية -

دمشق - متابعة قدس الإخبارية: تكشف المواجهة التي اندلعت في جنوب سوريا خلال الساعات الماضية عن تحول لافت في ميزان الاشتباك، بعدما تلقت "إسرائيل" ضربة غير مسبوقة أفقدتها أحد أهم ركائز استراتيجيتها هناك، وهو عنصر الردع. 

فبحسب ما يؤكده المحللان السياسيان محمد القيق وعلي أبو رزق، فإن ما جرى لا يمكن قراءته باعتباره حادثاً أمنياً منفرداً، بل هو تطور يعكس حالة غضب شعبي متراكمة تجاه التوغلات الإسرائيلية، وحضوراً متجذراً لإرادة الرفض والمقاومة لدى أهالي الجنوب الذين لم يعد بإمكانهم تحمل ما يرونه "عنجهية إسرائيلية" تجاوزت كل حدود الاحتمال.

وتشير القراءات السياسية إلى أن الكمين الذي وقعت فيه القوات الإسرائيلية، داخل منطقة كانت تعتقد أنها خاضعة لسيطرتها الكاملة، أعاد تعريف المشهد الأمني في سوريا، وأكد أن الاحتلال يواجه اليوم بيئة شعبية لم تفلح كل محاولات تطويعها أو كسر إرادتها. كما وضع هذا التطور تل أبيب أمام حرج دولي متصاعد، بعدما تحولت عملياتها التي كانت تُنفّذ في صمت إلى ملف مكشوف أمام المجتمع الدولي الذي يراقب سلوكها في منطقة تستعيد عافيتها بدعم عالمي.

وتنعكس هذه الضربة – وفق التحليلات – على ساحات أخرى تتهم فيها إسرائيل بانتهاك وقف إطلاق النار في لبنان وغزة، وتجاوز الإرادة الدولية في الضفة الغربية، ما يضعف ما كانت تعتقده من قدرة على استعادة الردع في الإقليم. وبينما يُجمع المراقبون على أن تل أبيب ستسعى لتعويض فشلها عبر توسيع إجراءاتها العدائية، يتأكد في المقابل أن ما جرى في جنوب سوريا فتح الباب أمام معادلات جديدة عنوانها: احتلال مأزوم… وشعب يستعيد زمام المبادرة.

قال الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق إن إسرائيل تلقت "صفعة خطيرة" في الجنوب السوري، بعدما فقدت في تلك المواجهة أحد أهم أعمدة خطتها هناك، وهو الردع، الأمر الذي سينعكس سلباً – بحسبه – على تحركاتها الإقليمية وتداعياتها الميدانية والسياسية.

وأضاف القيق أن المواجهة الأخيرة أعادت الأمور إلى نصابها الطبيعي، حيث يوجد احتلال وشعب لم يتم ترويضه، مؤكداً أن ما جرى كشف هشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية التي طالما تباهت بالقدرة على تفادي الكمائن والأخطاء. وأشار إلى أن وقوع القوات الإسرائيلية في هذا الكمين، داخل منطقة اعتقدت أنها تخضع لـ"استرخاء أمني"، شكّل صفعة أمنية جديدة لها.

وأوضح القيق أن هذا التطور وضع إسرائيل أمام حرج دولي متصاعد، فبعد أن كان نشاطها العسكري في سوريا يجري بهدوء ضمن مسار توسع وهيمنة، بات العالم يرى جنودها داخل دولة تتعافى ويحظى استقرارها بدعم دولي، ما زاد من الانتقادات والعزلة السياسية التي تواجهها. وأكد أنه لولا المواجهة التي اندلعت فجر اليوم، لما انكشف هذا القدر من الخطر الذي يتهدد مخططاتها.

وأضاف أن تداعيات ما حدث لن تبقى محصورة في الساحة السورية، بل ستنعكس على جبهات أخرى، خاصة في ظل الاتهامات الدولية الحالية لإسرائيل بانتهاك وقف إطلاق النار في لبنان وغزة، وتجاوز الإرادة الدولية في الضفة الغربية، ما يضعف ما كانت تسعى لتحقيقه من ردع في هذه الساحات، ويزيد من التعقيدات أمام مسارها السياسي.

وختم القيق بالقول إن إسرائيل ستسعى إلى اتخاذ إجراءات عدائية أوسع في عدة ساحات لتعويض فشلها اليوم داخلياً وإقليمياً، وستعمل على إعادة توجيه الأنظار نحو قضايا خلافية لصرف الاهتمام عن إخفاقها، دون أي توجه نحو مراجعة ذاتية توقف "مسلسل الجنون" في المنطقة، بل ربما تحاول – كعادتها – استثمار الحدث لصالح مشاريعها.

من جانبه، قال الباحث في الشأن السياسي علي أبو رزق إن ما جرى في مناطق جنوب سوريا يعكس بوضوح حالة السخط الشعبي المتصاعدة تجاه "العنجهية الإسرائيلية"، مؤكداً أن الأهالي هناك بلغوا مرحلة لم يعودوا قادرين على تحمل ما وصفه بالتصعيد المستمر.

وأضاف أبو رزق أن الدعوات المتزايدة لحمل السلاح ومواجهة القوات الإسرائيلية المتوغلة في تلك المناطق تشكّل دليلاً واضحاً على أن الشعب السوري، شأنه شأن الفلسطينيين في غزة وجنين، وأهالي جنوب لبنان، ما زال يؤمن بأن المقاومة المسلحة هي القادرة على كبح الغطرسة الإسرائيلية.

وأشار إلى أن الحدث الأخير في الجنوب السوري "لن يمر كما مرّت التوغلات السابقة"، لافتاً إلى أن هذا التطور سيدفع الاحتلال إلى إعادة حساباته خوفاً من تشكّل قوة مقاومة شعبية واسعة في سوريا.



إقرأ المزيد