نفي مصري ورفض فلسطيني.. ماذا يُفهم من إعلان الاحتلال فتح معبر رفح باتجاه واحد؟
شبكة قدس الإخبارية -

متابعات قدس الإخبارية: نفت هيئة الاستعلامات المصرية، اليوم الأربعاء، وجود تنسيق مع "إسرائيل" حول فتح معبر رفح في الأيام القادمة، وفي اتجاه واحد يسمح بخروج الفلسطينيين من قطاع غزة، فيما طالبت فصائل المقاومة، وحركة فتح، في بيانين منفصلين، الوسطاء بإلزام الاحتلال بفتح المعبر في كلا الاتجاهين، وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار.

وراكم تصريح مكتب "منسق أنشطة حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية"، بإعلان "فتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة، حصرا لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر"، غضبا في الوسطين المصري والفلسطيني.

وجاء في بيان "المنسق" أن "خروج السكان سيتم عبر معبر رفح بالتنسيق مع مصر، وبعد موافقة أمنية إسرائيلية، وتحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي، على غرار الآلية التي عملت في يناير/ كانون الثاني 2025".

في المقابل، قال رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان، إن "الموقف المصري ليس حديثا، بتأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن هناك خطان أحمران لمصر، وهما: رفض التهجير أيا كان طوعيا أو قسريا، لأنه تصفية للقضية الفلسطينية، وأي خطوة تهدد الأمن القومي".

وشدد رشوان على أن المعبر المصري في بداية الأزمة كان مفتوحا بما في ذلك عودة العالقين في مصر من الفلسطينيين لقطاع غزة، ثم قامت إسرائيل منفردة بإغلاق المعبر، ثم بتدميره من الجانب الفلسطيني، وطوال هذه الفترة وصولا إلى خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي ضمنتها مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة ظل الموقف المصري واحدا.

وأشار رشوان إلى أنه بحسب البند الثاني عشر من خطة ترامب فإنه لا يُجبر أي أحد من سكان غزة على مغادرتها طوعا أو قسرا وحتى إذا غادرها طوعا يحق له أن يعود، وهذا ينطبق على فتح المعبر من الجانب المصري.

وعادت "إسرائيل" على لسان المتحدث باسم الحكومة، للقول إن "معبر رفح سيفتح في وقت قريب، لتسهيل خروج من يرغب وفق الآلية المتبعة. ولن يتم فتحه في الاتجاهين إلا بعد استلام كل الرهائن". وفي الوقت نفسه، زعم مسؤول إسرائيلي للقناة 12 العبرية أن الاحتلال "فتح المعابر لخروج سكان غزة لتمكينهم من المغادرة".

وبينما قال إن "الاستعدادات الإسرائيلية لفتح معبر رفح ستستمر دون تغيير رغم الإعلان المصري"، ادّعى المسؤول الإسرائيلي أنه "إذا كان الجانب المصري لا يريد استقبال المغادرين من غزة؛ فهذه مشكلته".

بدورها، طالبت الفصائل والقوى الفلسطينية الوسطاء والدول الضامنة بإلزام الاحتلال بفتح معبر رفح في كلا الاتجاهين كما ورد في اتفاق شرم الشيخ وقرار مجلس الأمن رقم 2803، ومنعه من التلاعب أو التهرب من هذه الاستحقاقات، أو حصر فتح المعبر باتجاه واحد، وفق بيانها.

من جهة أخرى، أكد المتحدث باسم حركة "فتح" منذر الحايك، "رفض الحركة لفتح معبر رفح باتجاه واحد يقتصر على خروج سكان غزة دون عودتهم"، مضيفا أن "هذا السلوك يعكس تنصّل الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ الاتفاق، ويؤكد إصرارها على الدفع نحو مسار التهجير القسري المرفوض وطنيا ودوليا".

ويحتل جيش الاحتلال، الجانب الفلسطيني من معبر رفح، منذ مايو 2024، وقد دمّر وأحرق مبانيه، ومنع المرضى والمواطنين من السفر. ورغم أن اتفاق أكتوبر الماضي، ينص على فتح معبر رفح ضمن المرحلة الأولى، إلا أن "إسرائيل" لم تلتزم بالنص، وتهرّبت من هذا الاستحقاق بذريعة تسليم جثامين الأسرى.

وحول ما ورد في بيان وزارة الخارجية الأميركية، تعقيبا على الإعلان الإسرائيلي، والذي جاء فيه أن "فتح معبر رفح سيتيح للأهالي الأكثر تضررا بغزة الحصول على الرعاية الطبية خارج القطاع، مما يعد دليلا آخر على فاعلية خطة الرئيس ترامب"، يؤكد مسؤول مصري أن الموقف الأميركي يُعيد إلى الأذهان تشجيع ترامب على هجرة الفلسطينيين من غزة، فيما قبل اتفاق شرم الشيخ.

ويقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق فوزي العشماوي إن "الموقف الأميركي يمكن فهمه من خلال مقترح ترامب الأول بتهجير الفلسطينيين من غزة وتحويل القطاع إلى "ريفييرا"، والذي رفضته مصر"، قبل أن يتم الضغط على الولايات المتحدة وإدارة ترامب، للوصول إلى اتفاق شرم الشيخ.

ويرى العشماوي أن ترحيب الولايات المتحدة بما جاء بإعلان "المنسق"، "يركز على الجانب الإنساني، وهو صحيح، باستقبال مصر الآلاف من المرضى والمصابين وأسرهم، لكنه لا يعني إطلاقا أن يكون معبر رفح في اتجاه واحد، وإنما باتجاهين عند البدء الفعلي بتطبيق المرحلة الثانية"، وفق قوله.

ويؤكد العشماوي أن محاولات "إسرائيل" عرقلة البدء بالمرحلة الثانية ليست جديدة، مضيفا أن "مصر والوسيطين القطري والتركي سيتواصلون لوضع الأمور في نصابها، بما يمنع نتنياهو من التهرّب من مشاكله الداخلية بطرح بالونات اختبار، يحاول من خلالها تحقيق ما عجز عنه بالعملية العسكرية على غزة".

ويتفق الباحث في الشأن الإسرائيلي عادل شديد، في تصريحات صحفية، على وجود ترتيبات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين. ويقول، في تعليقه على إعلان فتح معبر رفح باتجاه واحد، إن "طبيعة العقلية الإسرائيلية تحاول أن تنصب نفسها الآمر الناهي، وهي التي تقرر وما على الآخرين سوى التنفيذ، وهو ما يشكل تناقض واضح مع مضمون خطة ترامب الذي أشار بشكل واضح بفتح معبر رفح في كلا الاتجاهين".

ويضيف أن المرحلة الحالية "يُفهم منها وكأن الإسرائيلي لا يريد أن يتصرف بشكل أحادي فقط، وإنما يريد استغلال مرحلة تخفيف وتيرة إطلاق النار في غزة، لإنجاح ما عجز عنه في الإبادة؛ ألا وهو التهجير"، مؤكدا أن اشتراط خروج السكان بموافقة أمنية إسرائيلية، يعني ربط كل حركة بالمصلحة الإسرائيلية، وهو ما يعطي نية للتهجير.

إلى ذلك، أُعيد فتح معبر رفح لفترة قصيرة خلال هدنة يناير الماضي، مما سمح بمرور الأشخاص المصرح لهم بمغادرة غزة، وتحديدا المرضى والحالات الإنسانية، ولاحقا الشاحنات.



إقرأ المزيد