"إسرائيل" على موعد مع اضطرابات جديدة
شبكة قدس الإخبارية -

بين التكهّنات والتحليلات، التي ترى أن بنيامين نتنياهو المطلوب لـ»الجنائية الدولية» لا يزال قادراً على التلاعب بالإدارات الأميركية بما في ذلك إدارة ترامب، وبين من يعتقد أن هذا كان صحيحاً، فيما يتعلّق بالإدارات «الديمقراطية»، وأن الأمر مختلف مع الإدارة الحالية، ثمّة من الوقائع ما يُشير إلى تقاسم وتبادل في الأدوار، تفضي إلى شراكة كاملة.

ترامب، الذي تنظر إليه دولة الاحتلال، بقضّها وقضيضها، على أنه الأكثر دعماً والتزاماً بدعمها وحمايتها، يلخّص الأمر بدعوة علنية متكرّرة لرئيسها هرتسوغ، باستخدام صلاحياته لإصدار عفو عن نتنياهو.

وحتى لا يبقى الكلام كلاماً، يعزّز ترامب دعوته بإرسال رسالة رسمية لهرتسوغ.

ترامب، ضمّن رسالته تنديداً، بالتهم الموجّهة لنتنياهو ووصفها بأنها حرب قانونية سياسية.

هكذا يشكّك ترامب، بنزاهة الجهاز القضائي الإسرائيلي، بل ويوجّه له الاتهام بالافتراء على نتنياهو.

وعملياً يتماهى موقف واتهامات ترامب، تماماً مع الاتهامات التي تعرّض لها الجهاز القضائي من قبل نتنياهو و»ائتلافه الحكومي الفاشي»، والذي سعى قبل «طوفان الأقصى»، لتغيير قواعد عمل، وصلاحيات، وتشكيلات الجهاز القضائي فيما عرف بـ»الانقلاب القضائي».

وبالرغم من أن محاولة نتنياهو لقلب النظام القضائي، تعرّضت لمعارضة سياسية، وشعبية واسعة، وأحدثت انقساماً في المجتمع إلّا أن فريق نتنياهو لم يتخلّ عن محاولاته، حتى في ظروف الحرب.

وحين يعاود ترامب التدخّل لصالح نتنياهو فيما يتعلّق بمحاكمات الفساد التي يتعرّض لها، فإن الأمر سيقود إلى خدمة مساعي الأخير في اتجاه تعزيز الديكتاتورية، والتحكّم في مجريات القضاء الإسرائيلي.

الطلب الأميركي بشأن العفو عن نتنياهو بالتأكيد يشكّل ضغطاً شديداً على النظام الإسرائيلي برمّته، المؤيّدين والمعارضين. نتنياهو قدّم رسالة لهرتسوغ يطلب فيها العفو ولكنه لم يقرّ بالذنب، باعتباره شرطاً أساسياً للقبول، فضلاً عن أنه يرفض التخلّي عن دوره وحياته السياسية.

رسالة نتنياهو فيها الكثير من الغطرسة، والاعتداد بالنفس، ورفض التهم الموجّهة إليه، ويضع هرتسوغ في زاوية حرجة، حين يدّعي أنّ الاتهامات الموجّهة إليه مغرضة، ولا تستند إلى أدلّة، وأنها محاكمة ظالمة لكيانه وليس له شخصياً.

قرار هرتسوغ، ليس آلياً أو أوتوماتيكياً، حتى لو جاء من الرئيس الأكثر إخلاصاً لكيانه، فثمّة استشارات قضائية تحتاج إلى وقت فضلاً عن أنه لا يستطيع تجاوز مواقف وردود فعل «المعارضة» الإسرائيلية.

أمام هذه «المعارضة» يعود نتنياهو للاستنجاد بترامب، وطلب مساعدته في إنجاز أمر العفو، ذلك أنه يعلم الصعوبات التي تعترض إصدار قرار العفو.
ترامب الذي قال إنه فعل ما يستطيع، ربما يعود لاستخدام نفوذه وثقله لصالح نتنياهو، ولكن كيف له أن يفعل ذلك؟

للمرّة الرابعة سيزور نتنياهو واشنطن بعد أيّام قليلة بناءً على استدعاء من البيت الأبيض، والمرجّح أنه سيطلب من ترامب ممارسة ضغوط شديدة على «المعارضة» الإسرائيلية لتمرير قرار العفو.

«المعارضة» الإسرائيلية، التي تعتقد أنها وجدت فرصتها للتخلّص من نتنياهو، وإبعاده عن الحياة السياسية قبل الانتخابات القادمة ستكون أمام وضع صعب.
تكمن الصعوبة في أن ترامب، قد يمارس ضغوطاً، لإحداث اختراقات في جدار «المعارضة»، أو حتى التلويح بالإضرار بمصالح الدولة العبرية فيما لو أن «المعارضة» أفشلت قرار العفو حين يضع ترامب ثقله، ومكانته في الميزان، فإن على الكلّ أن يتوقّع، أو حتى لا يتوقّع ما الذي يمكن أن يفعله بمن يتسبّب بالنيل من دوره وشخصه ومكانته.

والحال أن «المعارضة» الإسرائيلية، تدرك أنها إذا أخذت منحى تذليل العقبات، فإنها تكون ساهمت عملياً في إنجاح خطّة نتنياهو بـ»الانقلاب القضائي».
قد يحصل نتنياهو أو لا يحصل على العفو، وفق شروطه أو بشروط معدّلة مخفّفة، ولكنه يتمسّك بأظافره وأسنانه للبقاء في حقل العمل السياسي، لإكمال ما وصفه بأنه مهمّة روحانيّة وتاريخيّة.

وسواء نجا أو لم ينجُ نتنياهو من المحاكمة فإنه لن ينجو من ملاحقة العدالة الدولية، حتى لو أنه يحظى بحماية الإدارة الأميركية، التي تبذل كل جهد ممكن لتعطيل دور «الجنائية الدولية» و»العدل الدولية»، وكل المؤسّسات التي تطالب بإنزال العدالة بمن تتهمّه بارتكاب إبادة جماعية، وجملة طويلة من الاتهامات الصعبة.

في الأيّام والأسابيع المقبلة، من المرجّح أن تشهد السّاحة الداخلية الإسرائيلية أحداثاً وتصدُّعات خطيرة، ليس فقط على خلفية مصير الاتهامات لنتنياهو بالفساد، وإنما، أيضاً، ثمّة ملفّ آخر يتعلّق بموضوع التحقيق في المسؤولية عن الفشل الذي وقع في «الطوفان»، حيث تطالب «المعارضة» بتشكيل لجنة رسمية مستقلة بينما يتهرّب نتنياهو عَبر تشكيل آليات ولجان يسيطر عليها، ويتحكّم في نتائجها مسؤولون موالون له بالكامل.



إقرأ المزيد