شبكة قدس الإخبارية - 12/23/2025 9:32:18 PM - GMT (+2 )
خاص - شبكة قُدس: أحدثت قضيّة مخصّصات الأسرى والجرحى والشهداء أزمة داخل أطر قيادة حركة فتح وقيادة السلطة الفلسطينية بعدما قُطعت عن آلاف الأسر، وأُخضعت لمعايير المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي التي يرأسها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وأمين عام جبهة النضال الشعبي أحمد مجدلاني، خاصّة بعد أن أصدر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين رائد أبو الحمص بيانًا هاجم فيه "تمكين" إلى جانب بيان آخر صادرٍ عن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح توفيق الطيراوي.
كما أن تداعيات هذه القضية انعكست على حركة "فتح" التي أصدرت أقاليمها في المحافظات الشمالية "الضفة الغربية" بيانًا أعلنت فيه بشكل رسمي عن إلغاء كافة فعاليات انطلاقتها لهذا العام، مؤكدة أنه "لا انطلاقة دون كرامة مَن قاتلوا وضحوا لأجلها".
وفي السياق، شدّد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، في حديث مع "شبكة قدس" على أن "أي قرارات تتخذها الحكومة من دون المرور عبر حركة فتح هي قرارات مرفوضة ولا تعنينا مسألة تنفيذها، ولا سيما تلك المرتبطة بالأسرى والشهداء والجرحى باعتبارها فئات نضالية". مؤكدًا أن هذه الفئات "تشكل جوهر القوة الفلسطينية، وهي التي بدأت المسيرة النضالية، وكنا دائمًا نقول إن نصرنا، إن كتبه الله، فهو ببركة ما قدّمه هؤلاء المناضلون".
وأوضح زكي أن هم سيعملون على "استعادة الكرامة للحركة الأسيرة، ونقل هذا الملف من الدائرة التي يشرف عليها أشخاص غير مؤهّلين لإدارته". معتبرًا أن جوهر الأزمة لا يتمثل في الجانب المالي بقدر ما يتعلق بالكرامة، إذ قال: "الراتب ليس هو الأساس، بل كرامة الأسير وعائلة الشهيد والجريح هي الأهم، ولا يجوز أن يفقد المناضل الفلسطيني دوره النضالي بسبب أزمة راتب".
وأشار إلى أن قيادة فتح تحاول معالجة هذا الملف، وتسعى إلى التواصل من أجل "ردّ الاعتبار للحالة النضالية بما ينسجم مع أخلاقيات وروح العمل الوطني الفلسطيني، في ظل استمرار الاحتلال وجرائم".
وكشف زكي أن السلطة الفلسطينية "اتخذت، على أعلى مستوياتها القيادية، قرارًا بتسليم ملف الأسرى والشهداء والجرحى إلى مؤسسة (تمكين)، وقد فوجئنا بهذا القرار، ويجري العمل حاليًا على معالجته".
وفي ما يتصل بالواقع الميداني، وصف زكي الوضع في الضفة الغربية بـ "الصعب، في ظل تصاعد اعتداءات المستوطنين واستشراسهم". مؤكدًا في الوقت ذاته أن حركة فتح تستعد لعقد مؤتمرها الثامن، المقرر منتصف عام 2026، مشددًا على أنه "لا يمكن للحركة أن تحيد عن مسارها كحركة تحرر وطني، ولن تكون هناك أي مساومة على المبادئ التي انخرط الناس على أساسها في فتح".
وأضاف أن الحركة، بعد عقد مؤتمرها الثامن على أسس وقواعد متينة، "لن تكون خاضعة للابتزاز أو التبعية أو الاحتواء"، مشيرًا إلى أن الضغوط الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بمخصصات الأسرى، "لن تدفعنا إلى تغيير هويتنا أو مبادئنا أو قيمن". مستشهدًا بالقول: "الحرة قد تجوع ولا تأكل بثدييها". وأكّد على أن "الضغوط الخارجية لم تتوقف يومًا طوال سنوات الثورة الفلسطينية، لكن شعبنا لن يستسلم مهما بلغ حجم هذه الضغوط".
بدوره، اعتبر عضو سكرتاريا الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى، فهد أبو الحاج، في حديث مع "شبكة قدس"، أن المساس بكرامة مناضلي الشعب الفلسطيني "مرفوض من أي جهة كانت، حتى لو صدرت هذه الممارسات عن جهات في أعلى المراتب"، مؤكدًا أن الأسرى والشهداء والجرحى يشكّلون عمود الثورة الفلسطينية المعاصرة، وعنوان الكرامة والعزّة الوطنية.
وشدّد أبو الحاج على رفض تولّي مؤسسة "تمكين" صرف مخصّصات الأسرى، معتبرًا أن إخضاع الأسرى وعائلاتهم لإجراءات تعبئة الاستمارات "إهانة صريحة وضربة لمعاني الكرامة الفلسطينية جمعاء"، مضيفًا أن "المساس بشعرة واحدة من هذه الفئات هو مساس بشرف الشعب الفلسطيني بأسره". وأكد أن المخصّصات يجب أن تُصرف حصريًا عبر هيئة شؤون الأسرى ومن خلال وزارة المالية، قائلًا: "كفى تنازلات، فقد قُدّم كل ما طُلب منا إسرائيليًا وأميركيًا، حتى باتت كرامتنا نفسها مستهدفة".
وانتقد أبو الحاج آلية تحديد المخصّصات وفق معايير اجتماعية واقتصادية. داعيًا قيادة حركة فتح إلى تحمّل مسؤولياتها الوطنية والتنظيمية، ومؤكدًا أن "الأسرى أبناؤنا وعزّتنا، ولا يجوز القبول بإهانتهم تحت أي ظرف".
وأضاف أن الضغوط الأميركية، مهما بلغت، لا تبرّر المساس برواتب الأسرى والجرحى والشهداء، مذكّرًا بتصريحات سابقة للرئيس الفلسطيني حول أولوية هذه الفئات، ومتسائلًا: "ما الذي تغيّر حتى نصل إلى قرار بقطع الرواتب؟"، معتبرًا أن "درهم كرامة خير من بيت مال بلا شرف".
وأكد أبو الحاج أن "لا مقترحات مطروحة سوى إعادة الرواتب كاملة، ولا بدائل عن ذلك"، مشددًا على رفض أي تماهٍ مع مطالب اليمين الإسرائيلي، ومشيرًا إلى أن "سموتريتش وبن غفير يقطعون الموازنة أصلًا، والتنازل لم يجلب احترامًا ولا تقديرًا".
وانتقد أبو الحاج بيان "تمكين" الذي حمّل المسؤولية للرئيس محمود عباس، معتبرًا أن القرار سياسي وتتحمّل مسؤوليته القيادة كلّها، داعيًا إلى أن يكون المحيطون بالرئيس سندًا له لا عبئًا إضافيًا عليه. كما عبّر عن موقف سلبي واضح من أحمد مجدلاني، معتبرًا أن موقعه في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يفرض عليه الدفاع عن كرامة الأسرى والشعب الفلسطيني، لا المساس بها.
وختم أبو الحاج بدعوة الرئيس إلى مراجعة القرار بعمق، محذرًا من تداعياته على الكرامة الإنسانية للفلسطينيين، ومؤكدًا أن "كل أموال الدنيا لا تعوّض أيامًا قضاها الأسرى تحت القهر والتعذيب".
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في فبراير الماضي قد أصدر مرسومًا رئاسيًا يقضي "بإلغاء المواد الواردة بالقوانين والنظم المتعلقة بنظام دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى، في قانون الأسرى واللوائح الصادرة عن مجلس الوزراء ومنظمة التحرير الفلسطينية". ومنذ ذلك الحين دخلت قضية الأسرى في أزمة لم تستطع قيادة السلطة التعامل معها.
إقرأ المزيد


