شبكة راية الإعلامية - 12/28/2025 5:42:37 PM - GMT (+2 )
يستدل من تقرير سنوي أصدرته جمعية الشباب العرب - بلدنا، اليوم الأحد، حول الجريمة في الداخل الفلسطيني لعام 2025، أن قُتل 245 شخصًا في سياق الجريمة المنظمة خلال عام 2025، وهو العدد الأعلى خلال العقد الأخير، بمعدل يقارب قتيلاً كل يومين.
ويرى التقرير أن هذا الارتفاع الحاد في وتيرة القتل يعكس استمرار تفشي الجريمة بشكل ممنهج، في ظل غياب سياسات حكومية فعالة للحد منها ومحاسبة المسؤولين عنها.
ووثقت "بلدنا" في التقرير المعطيات الإحصائية المتعلقة بضحايا جرائم القتل خلال العام، وذلك استمرارًا لسلسلة تقارير دورية تصدرها الجمعية منذ عام 2020، بهدف توفير مرجعية معرفية حول هذه الظاهرة المتفاقمة.
ويشير التقرير إلى أن الجريمة في الداخل الفلسطيني تطال فئة الشباب بشكل أساسي، إذ تُظهر المعطيات أن 54% من ضحايا جرائم القتل في عام 2025 هم من الفئة العمرية بين 16 و30 عامًا. وتبقى الفئة العمرية 26 - 30 عامًا الفئة الأكثر تضررًا، في استمرار لنمط قائم منذ سنوات، إلى جانب تسجيل ارتفاع ملحوظ في نسبة الضحايا من الفئات العمرية الأكبر، ما يدل على اتساع دائرة العنف وعدم اقتصاره على فئة عمرية واحدة.
ولا يكتفي التقرير بعرض الأرقام المطلقة، بل يضعها في سياق مقارن دولي يكشف حجم الظاهرة بصورة أدق.
ووفق المعطيات الواردة في التقرير، بلغ معدل جرائم القتل في الداخل الفلسطيني 13.75 قتيلًا لكل 100 ألف مواطن، وهو معدل يضعه في المرتبة السابعة عالميًا بين الدول ذات أعلى معدلات القتل.
وتكمن أهمية هذه المقارنة في أنها تنقل الجريمة من كونها "مشكلة داخلية" أو شأنًا محليًا، إلى كونها ظاهرة بمستوى دولي استثنائي، تُقارن بدول تعاني من أزمات جريمة حادة مثل جامايكا والإكوادور والمكسيك.
ويكشف التقرير عن أن هذا التصنيف العالمي لا يمكن فصله عن السياق السياسي والأمني الذي يعيش فيه الفلسطينيون في الداخل، ولا عن سياسات طويلة الأمد فشلت في توفير الحماية والأمان.
ويؤكد تقرير الجمعية أن استخدام المؤشر الدولي (عدد القتلى لكل 100 ألف مواطن) ضروري لفهم عمق الأزمة، إذ يبيّن أن خطورة الوضع لا تنبع فقط من ارتفاع عدد الضحايا، بل من معدل القتل نفسه مقارنة بعدد السكان، وهو ما يجعل الداخل الفلسطيني حالة شاذة حتى بالمعايير العالمية.
وتصدرت اللد قائمة البلدات لهذا العام إن كان بتعداد الضحايا وإن كان بمعدل القتلى، مع مقتل 20 ضحيةً، معدل القتل في اللد وصل 76.55 قتيلاً للـ100 ألف من سكانها الفلسطينيين، ما يجعلها في المرتبة التاسعة عالمياً بمقارنةً دولية!
ومن حيث التوزّع الجغرافي، يُظهر التقرير انتشارًا واسعًا لجرائم القتل في مختلف مناطق الداخل الفلسطيني، حيث سُجّلت حالات قتل في 65 بلدة خلال عام 2025، أي أن نحو 39% من البلدات الفلسطينية شهدت جريمة قتل واحدة على الأقل.
وتصدّرت منطقة الشمال من حيث عدد الضحايا، تلتها منطقة المثلث، فيما سُجّل ارتفاع لافت في نسب القتل في منطقتي النقب والمركز مقارنة بالعام السابق، رغم أن نسبة السكان فيهما أقل نسبيًا، ما يعكس انتشار الظاهرة جغرافيًا وعدم انحصارها في مناطق محددة.
ظاهرة أخرى لا يجب التناهي عنها هي الارتفاع الملحوظ بنسبة الضحايا من النساء، مرتفعةً في الثلاث أعوام الماضية لتصل 26 ضحيةً لهذا العام (11.1% من الضحايا). دليل واضح على فشل السلطات في التعامل مع العنف ضد النساء أيضا.
كما يتناول تقرير بلدنا مسألة التعامل الرسمي مع جرائم القتل، حيث تشير المعطيات إلى أن نحو 29% فقط من الحالات شهدت اعتقالات على خلفية الجريمة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن جزءًا من هذه الاعتقالات كان عشوائيًا وتعسفيًا. أما نسبة تقديم لوائح الاتهام فلم تتجاوز 8.75% من مجمل الحالات الموثّقة خلال العام، ما يعني أن الغالبية الساحقة من جرائم القتل انتهت دون محاسبة قانونية فعلية.
ويتناول التقرير، إلى جانب أعداد الضحايا، جملة من المؤشرات المرتبطة بظاهرة الجريمة، من بينها استخدام الأسلحة النارية، وخلفيات الجرائم، والتوزع العمري والجغرافي للضحايا، إضافة إلى تعامل السلطات مع ملفات القتل من حيث الاعتقالات وتقديم لوائح الاتهام، وذلك في محاولة لفهم الظاهرة بوصفها أزمة مركبة ذات أبعاد اجتماعية وسياسية وأمنية.
ويخلص التقرير إلى أن هذا الواقع يعمّق الشعور بانعدام الحماية، ويكرّس سياسة الإفلات من العقاب، في وقت تتواصل فيه الخسائر البشرية بوتيرة غير مسبوقة، محذرًا من أن استمرار هذا النهج الرسمي من شأنه أن يفاقم دائرة الجريمة بدل احتوائها.
للاطلاع على التقرير اضغط هنا
المصدر: عرب 48
إقرأ المزيد


